الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)
.تفسير الآية رقم (32): أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس قال: كانت قريش يطوفون بالبيت وهم عراة يصفرون ويصفقون، فأنزل الله: {قل من حرم زينة الله} فأمروا بالثياب أن يلبسوها {قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة} قال: ينتفعون بها في الدنيا لا يتبعهم فيها إثم يوم القيامة. وأخرج وكيع في الغرر عن عائشة. أنها سئلت عن مقانع القز؟ فقالت: ما حرم الله شيئاً من الزينة. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن الضحاك {قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة} قال: المشركون يشاركون المؤمنين في زهرة الدنيا وهي خالصة يوم القيامة للمؤمنين دون المشركين. وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس والطيبات من الرزق قال: الودك واللحم والسمن. وأخرج أبو الشيخ عن ابن زيد قال: كان قوم يحرمون من الشاة لبنها ولحمها وسمنها، فأنزل الله: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق} قال: والزينة الثياب. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {والطيبات من الرزق} قال: هو ما حرم أهل الجاهلية عليهم في أموالهم البحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحامي. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كان أهل الجاهلية يحرمون أشياء أحلها الله من الثياب وغيرها، وهو قول الله: {قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراماً وحلالاً} [ يونس: 59] وهو هذا، فأنزل الله: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا} يعني شارك المسلمون الكفار في الطيبات في الحياة الدنيا، فأكلوا من طيبات طعامها ولبسوا من جياد ثيابها، ونكحوا من صالح نسائها، ثم يخلص الله الطيبات في الآخرة للذين آمنوا، وليس للمشركين فيها شيء. وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال: الزينة تخلص يوم القيامة لمن آمن في الدنيا. وأخرج عبد بن حميد عن عاصم قال: سمعت الحجاج بن يوسف يقرأ {قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة} بالرفع. قال عاصم: ولم يبصر الحجاج اعرابها، وقرأها عاصم بالنصب {خالصة}. .تفسير الآية رقم (33): أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن} قال: ما ظهر العرية وما بطن الزنا، كانوا يطوفون بالبيت عراة. وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأحمد والترمذي والنسائي وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا أحد أغير من الله، فلذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن». وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وابن مردويه عن المغيرة بن شعبة قال: قال سعد بن عبادة: لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أتعجبون من غيرة سعد فوالله لأنا أَغْيَرُ مِنْ سعد، والله أغْيَرُ مني، ومن أجله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا شخص أغير من الله». وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال: قيل: يا رسول الله أما تغار؟ قال: «والله إني لأغار، والله أغْيَرُ مني، ومن غيرته نهى عن الفواحش». وأخرج أبو الشيخ عن الحسن {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن} قال: ما ظهر منها الاغتسال بغير سترة. وأخرج عبد الرزاق عن يحيى بن أبي كثير «أن رجلاً قال: يا رسول الله إني أصبت حداً فأقمه عليَّ. فجلده ثم صعد المنبر والغضب يعرف في وجهه، فقال: أيها الناس إن الله حرم عليكم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، فمن أصاب منها شيئاً فليستتر بستر الله، فإنه من يرفع إلينا من ذلك شيئاً نقمة عليه». وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي جعفر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني غيور، وإن إبراهيم كان غيوراً، وما من امرئ لا يغار إلا منكوس القلب». وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله: {والإِثم} قال: المعصية والبغي. قال: إن تبغى على الناس بغير حق. .تفسير الآية رقم (34): أخرج ابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه والخطيب في تالي التلخيص وابن النجار في تاريخه عن أبي الدرداء قال: تذاكرنا زيادة العمر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا: من وصل رحمه أنسئ في أجله. فقال «إنه ليس بزائدة في عمره، قال الله: {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون} ولكن الرجل يكون له الذرية الصالحة فيدعون الله له من بعده فيبلغه ذلك، فذلك الذي ينسأ في أبده»، وفي لفظ: «فيلحقه دعاؤهم في قبره، فذلك زيادة العمر». وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن أبي عروبة قال: كان الحسن يقول: ما أحمق هؤلاء القوم... ! يقولون. اللهم أطل عمره، والله يقول {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون}. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر من طريق الزهري عن ابن المسيب قال: لما طعن عمر قال كعب: لو دعا الله عمر لأَخَّر في أجله. فقيل له: أليس قد قال الله: {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون}؟ فقال كعب: وقد قال الله: {وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب} [ فاطر: 11] قال الزهري: وليس أحد إلا له عمر مكتوب، فرأى أنه ما لم يحضر أجله فإن الله يؤخر ما شاء وينقص {فإذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون}. وأخرج ابن سعد في الطبقات عن كعب قال: كان في بني إسرائيل ملك إذا ذكرناه ذكرنا عمر وإذا ذكرنا عمر ذكرناه، وكان إلى جنبه يوحى إليه، فأوحى الله إلى النبي أن يقول له: أعهد عهدك واكتب إلى وصيتك فإنك ميت إلى ثلاثة أيام، فأخبره النبي بذلك، فلما كان في اليوم الثالث وقع بين الجدر وبين السرير، ثم جار إلى ربه فقال: اللهم إن كنت تعلم أني كنت أعدل في الحكم، وإذا اختلفت الأمور ابتعت هداك، وكنت فزدني في عمري حتى يكبر طفلي وتربوا أمتي. فأوحى الله إلى النبي: أنه قد قال كذا وكذا وقد صدق: وقد زدته في عمره خمس عشرة سنة، ففي ذلك ما يكبر طفله وتربو أمته، فلما طعن عمر قال كعب: لئن سأل عمر ليبقينه، فأخبر بذلك عمر فقال: اللهم اقبضني إليك غير عاجز ولا ملوم. وأخرج ابن سعد عن ابن أبي مليكة قال: لما طعن عمر جاء كعب، فجعل يبكي بالباب ويقول قال: والله لو أن أمير المؤمنين يقسم على الله أن يؤخره لأخَّرَهُ، فدخل ابن عباس عليه فقال: يا أمير المؤمنين هذا كعب يقول كذا وكذا؟ قال: إذاً والله لا أسأله. وأخرج البيهقي في الدلائل وابن عساكر عن يحيى بن عبد الرحمن بن لبيبة عن أبيه عن جده قال: جاء سعد بن أبي وقاص فقال: يا رب إن لي بنين صغاراً فأخِّر عني الموت حتى يبلغوا، فأخر عنه الموت عشرين سنة. وأخرج أحمد عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من سره النسأ في الأجل والزياده في الرزق فليصل رحمه». وأخرج الحكيم الترمذي عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى عليه وسلم «من ولي من أمر أمتي شيئاً فحسنت سريرته رزق الهيبة من قلوبهم، وإذا بسط يده لهم بالمعروف رزق المحبة منهم، وإذا وفر عليهم أموالهم وفر الله عليه ماله، وإذا أنصف الضعيف من القوي قوّى الله سلطانه، وإذا عدل مدَّ في عمره». وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال: من اتقى ربه، ووصل رحمه، نسئ له في عمره، وربا ماله، وأحبه أهله. .تفسير الآيات (35- 36): أخرج ابن جرير عن أبي سيار السلمي فقال: إن الله تبارك وتعالى جعل آدم وذريته في كفه فقال: {يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون}، ثم نظر إلى الرسل فقال: {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً إني بما تعملون عليم} [ المؤمنون: 51] {وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون} [ المؤمنون: 53] ثم بثهم. .تفسير الآية رقم (37): أخرج الفريابي وابن جرير وأبو الشيخ وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب} قال: ما قدر لهم من خير وشر. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس {أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب} قال: من الأعمال، من عمل خيراً جزى به ومن عمر شراً جزى به. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله و {نصيبهم من الكتاب} قال: ما كتب عليهم من الشقاء والسعادة. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب} قال: قوم يعملون أعمالاً لا بد لهم أن يعملوها. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب} قال: ما سبق من الكتاب. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {نصيبهم من الكتاب} قال: ما وعدوا فيه من خير أو شر. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله: {أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب} قال: رزقه وأجله وعمله. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي صالح في قوله: {نصيبهم من الكتاب} قال: من العذاب. وأخرج عبد بن حميد عن الحسن. مثله. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله: {ينالهم نصيبهم من الكتاب} قال مما كتب لهم من الرزق. .تفسير الآيات (38- 39): أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله: {قد خلت} قال: قد مضت {كلما دخلت أمة لعنت أختها} قال: كلما دخلت أهل ملة لعنوا أصحابهم على ذلك الدين، يلعن المشركون المشركين، واليهود اليهود، والنصارى النصارى، والصابئون الصابئين، والمجوس المجوس، تلعن الآخرة الأولى {حتى إذا ادَّاركوا فيها جميعاً قالت أخراهم} الذين كانوا في آخر الزمان {لأولاهم} الذين شرعوا لهم ذلك الدين {ربنا هؤلاء أضلونا... قال لكل ضعف} للأولى والآخرة {وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل} وقد ضللتم كما ضللنا. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {عذاباً ضعفاً} قال: مضاعفاً {قال لكل ضعف} قال: مضاعف وفي قوله: {فما كان لكم علينا من فضل} قال: تخفيف من العذاب. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي مجلز في قوله: {وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل} يقول: بيَّن لكم ما صنع بنا من العذاب حين عصينا، وحذرتم فما فضلكم علينا. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال: قال الحسن: الجن لا يموتون. فقلت له: ألم يقل الله {في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإِنس} وإنما يكون ما خلا ما قد ذهب. والله تعالى أعلم.
|